كان ( هانيبال ) قائداً عبقرياً ولوعاً بمفاجأة أعدائه وإشاعة الفزع في صفوفهم , معتمداً في حروبه على التجسس .
قاد حملة عبرت مضيق جبل طارق وانتصر على الأسبان عام ( 220 ق.م ) , واتجه شمالا إلى جنوب فرنسا , وتسلق جبال الألب من الشمال إلى الجنوب رغم قسوة البرد القارس الذي فتك بكثير من الجنود والفيلة التي كان يستخدمها في حروبه , وهبط إلى سهول إيطاليا , محطماً كل جيوش الرومان التي تصدت له , ويقدر ضحايا هذه الحرب من أعدائه بثمانين ألف جندي من المشاة والفرسان .
أثناء غزو ( هانيبال ) لجزيرة ( صقلية ) , تعذر عليه الاستيلاء على إحدى المدن رغم الحصار الطويل , أراد أن يعرف سر قوة المدينة ومنعتها . فأرسل أحد رجاله فدخل المدينة وادعى أنه جندي مرتزق , وعرض خدماته على حاكم صقلية وأقام في المدينة يتجول فيها , ويدرس تحصيناتها وخطط الدفاع عنها , ويرسل الإشارات إلى ( هانيبال ) عن طريق الدخان المتصاعد من نار يوقدها لطهو طعامه فوق تل المدينة , دون أن يفطن إليه أحد .
وفي تقدمه نحو روما , كان يمهد طريق النصر لجيشه , بجيش آخر من الجواسيس , يجمعون له المعلومات من وادي نهر ( البو ) وسهول الألب السفلى عن القوات , ومعنويات الناس والجيش , وخصوبة الأرض , وأنواع المحاصيل , ثم يضع خططه الحربية على ضوء مايتوافر له من معلومات.