يعد الجاسوس عصام العطار الذي ضبطته السلطات المصرية مؤخرا في قضية التجسس الأخيرة يعد الأحدث في مسلسل القبض علي جواسيس تعمل لصالح اسرائيل.
وعلى الرغم من مرور 28 عاما هي عمر معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلا أن الجانب الإسرائيلي لم يتوقف عن نشاطه في تجنيد الأفراد والتخابر على المصالح القومية المصرية. فقد كشفت أجهزة الأمن المصرية في السنوات الماضية عن قضايا تجسس عديدة على مصر من أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية.
ويحفل ملف التخابر بين مصر وإسرائيل بقضايا عديدة. ومن أشهر هذه القضايا الجاسوس عزام عزام أخطر جاسوس إسرائيلي في مصر حتى الآن لأنه منذ أن حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً وذلك عام 1997م وإسرائيل وقادتها لا يألون جهداً في المطالبة بالإفراج عنه. ففي عام 1996م تم القبض على عزام عزام متعب عزام والقبض على شبكة تجسس يتزعمها وتجنيد شاب مصري أثناء وجوده للتدريب في إسرائيل عن طريق عميلتي الموساد زهرة يوسف جريس ومنى أحمد شواهنة. وكانت المعلومات المطلوبة من عزام وشبكته هي جمع معلومات عن المصانع الموجودة في المدن الجديدة مدينة 6 أكتوبر والعاشر من رمضان من حيث النشاط والحركة الاقتصادية وكانت وسيلة عزام عزام جديدة للغاية وهي إدخال ملابس داخلية مشبعة بالحبر السري قادمة من إسرائيل مع عماد إسماعيل الذي جنده عزام. وبعد القبض عليه حكم على عزام بالسجن 15 عاما يقضيها حالياً في ليمان طرة. ولم يعجب الحكم نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل وقتها الذي اعترض على حكم القضاء المصري. وآخر زيارة لعزام في السجن كانت من «داني نافيه» مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون ووزير الدولة ومستشارته الصحفية ومندوب من السفارة الإسرائيلية بالقاهرة وقد طلب عزام منهم ضرورة الإسراع بالإفراج عنه لأنه ضاق بحياة السجن ووعده شارون أن يبذل أقصى جهده وحكومة إسرائيل لتحقيق هذا الهدف. والغريب أن قادة إسرائيل دائما ما يضعون قضية الإفراج عن عزام عزام محل اهتماماتهم ويجعلونها رقم واحد على أجندة المباحثات بين مصر وإسرائيل، وعلى العكس تبدي الحكومة المصرية موقفاً واحداً وهو أن القضاء المصري له كامل السيادة ويتمتع بالنزاهة والاستقلال في أحكامه.
أما قضية الجاسوس سمير عثمان فقد حدثت في أغسطس 1997م عندما سقط الجاسوس في يد رجال الأمن أثناء قيامه بالتجسس مرتدياً بدلة الغوص حيث كانت مهمته التنقل عائما بين مصر وإسرائيل بعد أن جنده الموساد واعترف المتهم بأنه تم تجنيده عام 1988م على يد الموساد بعد أن ترك عمله في جهاز مصري حساس، وأضاف أنه سافر إلى اليونان والسودان وليبيا ومن هذه البلاد إلى تل أبيب، وأن الموساد جهزت له 4 جوازات سفر كان يستخدمها في تنقلاته وأثناء تفتيش منزله عثر على مستندات هامة وأدوات خاصة تستخدم في عمليات التجسس.
والقضية الغريبة في قضايا التجسس الإسرائيلي على مصر هي قضية الجاسوس سمحان موسى مطير فهي المرة الأولى التي يتم فيها تجنيد تاجر مخدرات ليكون جاسوسا لإسرائيل وهذا ما حدث مع سمحان الذي اتفق معه رجال الموساد على تسليمه مخدرات مقابل تسليمهم معلومات عن مصر وكان سمحان يعمل في فترة شبابه بإحدى شركات المقاولات التي لها أعمال في مصر وإسرائيل ومن هنا كان اتصاله بالموساد الإسرائيلي وعمل بتجارة المخدرات تحت ستار شركة مقاولات خاصة وكانت له علاقات اتصالات عديدة ببعض ضباط الموساد المعروفين ومعهم اتفق على صفقة جلب المخدرات مقابل تقديم معلومات هامة عن مصر إلى الموساد. وسمحان جاسوس حريص للغاية فقد تلقى دروسا عديدة في كيفية الحصول على معلومات وكيفية استقبال الرسائل وكيفية إرسالها لكنه كان يحفظ المعلومات المطلوب الحصول عليها وينقلها شفاهة إلى ضباط الموساد الإسرائيلي، وكانت المعلومات المطلوبة من سمحان تتعلق بالوضع الاقتصادي لمصر وحركة البورصة المصرية وتدوال الأوراق المالية وكذلك تم تكلفتة بالحصول على معلومات تخص، بعض رجال الأعمال.
ومن أشهر قضايا التخابر لصالح إسرائيل كانت قضية الجاسوس شريف الفيلالي الذي سافر عام 1990م لاستكمال دراسته العليا بألمانيا وخلال إقامته بها تعرف على امرأة ألمانية يهودية تدعى (ايرينا) قامت بتقديمه إلى رئيس قسم العمليات التجارية بإحدى الشركات الألمانية الدولية والذي ألحقه بالعمل بالشركة وطلب منه تعلم اللغة العبرية تمهيداً لإرساله للعمل في إسرائيل وعندما فشل في تعلم اللغة العبرية سافر إلى إسبانيا وتزوج من امرأة يهودية مسنة، ثم تعرف على جريجروي شيفيتش الضابط بجهاز المخابرات السوفيتي السابق المتهم الثاني في القضية وعلم منه أنه يعمل في تجارة الأسلحة وكشف له عن ثرائه الكبير ثم طلب منه إمداده بمعلومات سياسية وعسكرية عن مصر وإمداده بمعلومات عن مشروعات استثمارية منها ما هو سياحي وزراعي بمساعدة ابن عمه سامي الفيلالي وكيل وزارة الزراعة، ووافق الفيلالي وبدأت اللقاءات مع ضابطين من الموساد وقد نجح رجال الأمن المصريون في القبض عليه فكانت أشهر قضية تجسس مع بداية عام 2000م وحكم عليه بالسجن 15 عاما.
قضية تجسس أخرى أحبطت قبل أن تبدأ وهي قضية مجدي أنور توفيق الذي حكم علية بالسجن 10 سنوات أشغالاً شاقة للسعي للتخابر مع الموساد الإسرائيلي ووجهت له أجهزة الأمن المصري تهمة السعي إلى التخابر مع دولة أجنبية وأيضا تهمة التزوير في أوراق رسمية حيث قام المتهم بتزوير شهادة من الأمانة العامة للصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا التابع لوزراء الخارجية تشير إلى عمله كوزير مفوض على غير الحقيقة، واعترف الجاسوس أنه قام بالاتصال بالقنصلية الإسرائيلية بالإسكندرية عن طريق الفاكس مبرراً أنه كان يريد عناوين بعض الأجهزة الدولية
وتورط دبلوماسي مصري بسفارة مصر في تل أبيب يدعى (الدكتور عصام الصاوي) مع شبكة تجسس فى مصر زعيمتها مديرة علاقات عامة بشركة سياحية تدعى (نجلاء إبراهيم) وهي أيضا لاعبة كرة اليد السابقة التي تعرفت عن طريق هذه اللعبة على (خالد مسعد) لاعب كرة اليد السابق بنادي الزمالك وتمكنت من تجنيده هو الآخر ليساعدها في هذه العمليات المشبوهة وكوَّن الثلاثة معاً شبكة قوية للتجسس وتهريب السائحين الأجانب إلى إسرائيل عبر الحدود المصرية عن طريق المنافذ والدروب الجبلية عند مدينة رفح. وكانت الصدفة وحدها هي السبب وراء كشفها حيث بدأت الحكاية في الثاني من شهر أكتوبر الماضي عندما تم تقديم بلاغ باختفاء 16 سائحا يحملون الجنسية الصينية في الجبال والدروب بمدينة رفح أثناء عمل رحلة سفاري سياحية وأكدت التحريات أن هؤلاء السائحين اختفوا عند الحدود المصرية الإسرائيلية التي عبروها إلى داخل إسرائيل. وقادت التحقيقات مع الشركة المسؤولة عن نقل هذه المجموعة من السياح إلى أن مسؤولية برنامج الرحلة يقع ضمن مسؤولية مديرة العلاقات العامة وبمجرد استدعائها واتهامها بتهريب السائحين الصينيين إلى حدود إسرائيل اعترفت مديرة العلاقات العامة بالشركة وتدعى نجلاء إبراهيم على زميلها في الشركة خالد مسعد الذي وقع هو الآخر في يد الشرطة واعترفا تفصيلياً بكيفية عمليات الهروب وكيفية عمليات الاتصال بالجانب الإسرائيلي لتسهيل هذه العملية عبر الدروب والجبال من رفح إلى الأراضي الإسرائيلية وذلك مقابل (1800 دولار) على الشخص الواحد. وكانت المفاجأة التي فجرتها نجلاء إبراهيم المتهمة أن من يقوم بترتيب الاتصال والاتفاق مع الجانب الإسرائيلي لتسهيل عملية هروب الأجانب هو دبلوماسي مصري بسفارة تل أبيب مقابل حصوله على عمولة عن كل شخص يتم تهريبه إلى إسرائيل.
وبدخول هذا الدبلوماسي في دائرة الاتهام حولت القضية من قضية تهريب السياح الأجانب إلى إسرائيل إلى قضية تخابر مع جهاز الموساد الإسرائيلي وهو ما كشفت عنه التحقيقات التي جرت في سرية تامة حيث اتسعت دائرة الاتهام في القضية لتشمل 8 متهمين ثلاثة منهم بارزون والباقون عبارة عن موظفين بالشركة السياحية وعدد من البدو من مدينة رفح ممن لديهم خبرة بدروب المنافذ الجبلية المؤدية إلى دخول إسرائيل بخلاف عدد من الإسرائيليين الذين يسهلون عملية التنقل للسياح الأجانب داخل إسرائيل وكشفت التحقيقات أن هذه الشبكة تمكنت من تهريب عدد كبير من السائحين الأجانب إلى إسرائيل عبر الحدود المصرية وخاصة من دول الصين وروسيا وأوكرانيا ودول شرق آسيا. ووفق تقديرات بعض المسؤولين فإن محاولات التسلل في الشهور الأخيرة بلغ عددها ما بين 3 و 9 حالات في الأسبوع الواحد رغم خطورة التسلل وتعرض صاحبه لفقد حياته وهو ما يجعل المتسللين يعتمدون على عصابات التهريب مقابل مبالغ مالية تترواح ما بين 2000 و5000 دولار على الفرد الواحد تحت ستار شركات سياحية ومع تواطؤ بعض الإسرائيليين.
وتعتبر جنوب سيناء نقطة إغراء للمتسللين الإسرائيليين الذين يتم القبض عليهم في الغالب بالقرب من منفذ طابا وغالباً ما يكونون من الضباط والجنود ولا يحملون جوازات سفر. وفي خلال الفترة من عام 1992م حتى عام 1997م سلمت مصر إسرائيل 31 متهماً في قضايا مختلفة منها ما هو تجسس ومنها ما هو مخدرات وتزوير عملة وأنشطة أخرى والباقون أفرج عنهم في مساء 13 أغسطس 1997م مع سفينة القمار الإسرائيلية مونتانا. وقد كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا أن شركة مازدا الإسرائيلية الكائنة أمام القنصلية المصرية في تل أبيب والمملوكة للإسرائيلي زائيفي روفائيل هي رأس الشبكة المنوط بها عملية تسيير خط النقل ما بين تل أبيب والقاهرة للعمالة الصينية والماليزية والفليبينية وغيرها التي تأتي إلى مصر تحت اسم السياحة ويتم تهريبها إلى إسرائيل عبر المدقات الصحراوية. وثبت من التحقيقات أن الشركة الإسرائيلية استطاعت تجنيد بعض العناصر أحدها ماليزي والآخر أفريقي فضلا عن الثلاثة المتورطين في شبكة التجسس (د. عصام الصاوي ونجلاء إبراهيم وخالد سعد) بهدف تشويه سمعة مصر حيث إن الهدف السياسي وراء عمليات تهريب السياح هذه هو إظهار ضعف مصر عن حماية حدودها الشرقية